- مبدأ المشروعية وسيادة القانون ضد الديكتاتورية ايا كانت طبقية - قبلية – بروليتارية - كلها حوت يبلع الدولة
- شرف الغاية لا يغني عن شرف الوسيلة – لا لميكافيلي
كتب – د . عباس هلال
اصدر القضاء الاداري التونسي – المحكمة الادراية – قرارا بوقف تنفيذ قرار الرئيس التونسي قيس سعيد والمتعلق باعفاء 57 قاضيا ، وهذا القرار او الحكم نهائي غير قابل للطعن لحين الفصل في دعوى الالغاء ( عاد القضاة ) وعادة يستند قضاء الالغاء على مبدأ المشروعية وسيادة القانون ولا مخرج من احد التكيفات .
1--- مخالفة القانون ، العيب الشكلي ، عيب الاختصاص ، عيب الانحراف ، عيب انعدام الاسباب ، وكلها تصب تحت عنوان التعسف في استخدم السلطة POWER ABUSE وحسنا ما ذهبت اليه المحكمة الادارية التونسية .
والواقع ان اساس قضاء الالغاء – القضاء الاداري وعلى راسه مجلس الدولة من خلق وابداع مجلس الدولة الفرنسي ونسجت على هذا المنوال كافة التطبيقات والسوابق في قضاء الالغاء ، وفصلت في الحماية كثيرا للمتضرر من عسف وانحراف السلطة الادارية ، واساس قضاء الالغاء هو محاربة الاستغلال وكفالة مبدأ تكافؤ الفرص للمواطنين ضد الطبقية والقبلية وخلق مجتمع العدالة والرفاهية وعدالة توزيع الثروة ، ايا كان النظام ديمقراطيا برلمانيا ، رئاسيا ، عائليا او اشتراكيا او ثوريا تحت قوة الدفع الثوري لغل يد الدكتاتورية ايا كانت بروليتارية او اشتراكية اوديمقراطية ، ومن منطلق ان شرف الغاية لا يغني عن شرف الوسيلة ( بعكس الميكافيلية الغاية تبرر الوسيلة ) وقد احدث مجلس الدولة الفرنسي ثورة في مبدأ المشروعية انعكست على اعتى ديكتاورية البروليتاري وهو ما انعكس على موقف الحزب الشيوعي الفرنسي والذي اعلنه في مؤتمره الثاني والعشرين في 8 فبراير 1976 التخلي عن ديكتاتورية البروليتاريا ، ومعني هذا تسليم الحزب بضرورة التزام مبدأ المشروعية وسيادة القانون – وهذا اي المشروعية وسيادة القانون هو المبدأ او المدماك لرفض الطبقية و القبلية ونظرية المرشد في الحركات الاسلامية ، وهو ايضا ما بدا متدحرجا في الاتحاد السوفيتي منذ دستور 7 اكتوبر 1977 نحو الشرعية الاشتراكية ( المادة 4 ) وليس ديكاتورية البروليتاريا ، بمعنى ان تخضع الدولة للقانون واستقلال القضاء وحصانته ضمانه اساسية لحماية الحقوق والحريات ، وحظر تحصين اي عمل او قرار اداري او سياسي من رقابة القضاء وهذه امثله على سبيل المثال لا الحصر ولنا في مجلس الدولة المصري ايام القامة القانونية عبد الرزاق السنهوري بالغاء قرارات جمال عبد الناصر، استدعاءه عبد الناصر ذات مساء فأجابه يصير خير !! وفي اليوم التالي المحدد لجلسة النطق بالحكم في دعوى الالغاء نطق بالحكم بالغاء ثلاثة قرارات ( مراسيم ) لعبد الناصر لعدم المشروعية .هذا قضاء الالغاء – وجعلهم كعصف مأكول !!!، ومثل ذلك رئيس مجلس الدولة 1969 الاستاذ الدكتور ضياء الدين صالح فتم احالته هو الاخر للتقاعد !! ( الخبير الدستوري للمجلس الوطني – البرلمان – في البحرين لاحقا ) ، ومثل ذلك الاستاذ الدكتور كمال غالي وكيل مجلس الدولة واستاذ القانون الدستوري والنظم السياسية بكلية الحقوق – جامعة دمشق ( درّسنا في سنة 1970 ) عندما الغى قرارات رئيس الجمهورية امين الحافظ( بعد استقالة رئيس مجلس الرئاسة لؤي الاتاسي في 28 يوليو تموز 1963 عندما رفض التصديق على حكم اعدام جاسم علوان المحسوب على جمال عبد الناصر ، واعادة المراسيم التنظيمية لعمل السلطات الثلاث ) في سبتمبر ايلول 1963 والمطبقة للمادة 8 من الدستور المؤقت والتي تنص على حاكمية وقيادة حزب البعث للسلطات الثلاث والمجتمع فتم العصف به !!! ، وهذه هي ايضا تطبيقا لقضاء الالغاء وهناك قضاء مقارن غزير بهذا الشأن .
اما نظام القضاء الاداري – وقضاء الالغاء في البحرين فهو ضمن القضاء المدني وكثيرا من دعاوي الالغاء تم رفضها ، ولنا تجربة في قضاء الالغاء نقابية ومهنية عندما اصدر وزير العمل والشؤون الاجتماعية قرارا في 28 فبراير ، شباط 1998 بحل مجلس ادارة جمعية المحامين وتعيين ادارة معينة ، تم الطعن على القرار – قضاء الالغاء – امام المحكمة الكبرى الثانية برئاسة المستشار القاضي احمد وهدان ! وما ادراك ما وهدان ( الف رحمة ونور على روحه الطاهرة )، كان ضميرا مرتعشا في جلسة الرد على الطعن حضرت ممثلة وزارة الدولة للشؤون القانونية الاستاذة معصومة عبد الرسول وحضر مستشار وزير العمل د. محمود سلامة وعند تسليم المذكرة اقترب المستشار من القاضي وهدان هامسا !! فعصف به وهدان عصفا وطرده من الجلسة ومنعه من الحضور لاحقا وبصوت مرتفع مرتجف بلا وزير بلا غفير . وهناك اسباب عديدة دفعت الوزارة للصلح منها قوة القاضي احمد وهدان واذا ما شعر بشبهة تعسف فانه سوف يعصف بالقرار الوزاري عصفا .
هذه مقدمة منهجية في قضاء الالغاء وارتباطه وجودا وعدما بالمشروعية وسيادة القانون وانعكاس ذلك على الدولة اي كان نظامها السياسي ، كما ان الفقه في القانون العام واساتذة القانون العام في تاكيد مستمر على مبدأ المشروعية وهي تشمل ليس فقط القرار الاداري بل تتعدى الى ما يسمى باعمال السيادة ، او الاعمال التي ادت بصورة مباشرة او غير مباشرة الى اعتداء او ضرر على مبدأ المواطنة الدستورية وضمان حقوقها .
ورحم الله اسناذنا في الدراسات العليا الاستاذ الدكتور صوفي ابو طالب ( كان الرئيس الانتقالي في 1981 بعد اغتيال السادات ، ورئيس مجلس الشعب ) ، كان يكرر في محاضراته ان كل الرؤساء يعتبرون مجلس الدولة دسك مزمن بالظهر والم مزمن في الرقبة !!! ،ويعملون بطرق ملتوية او استبدادية مكشوفة لتحجيمة !!.